محمود حسن
كانت سيارة الأجرة تتهادي وسط زحام الشارع الذي لا يتوقف صباح مساء ، كنت جالساً إلي جوار السائق الذي استعد لبدء حوار من تلك الحوارات الساخطة ، وبالطبع لم أكن مهتماً بأي حال من الأحوال للدخول في أي من تلك الحوارات لذا تشاغلت بالنظر إلي المارة في الشوارع الصغيرة المتفرعة من الشارع المتوقف عندها لمحته يمشي ... كان " محمود حسن " بشحمه ولحمه... وشعر راسه الفاحم ... وقامته المديدة لو أن الزمان عاد إلي الخلف عشرين عاماً لما كان الفارق كبيراً الفارق الوحيد كان في الكهل الذي يسير إلي جواره هذا صديقه الحميم الذي لا يفارقه منذ سنوات تجاوز الربع قرن...والفارق أن صديقه قد شاب شعره وانحني ظهره وبدا جلياً أن السنين تركت أثارها عليه كان ينقصني فقط أن أستمع إلي صوته حتي أتأكد أنه هو وكأنما أخبره أحد برغبتي هذه فانطلق ينادي علي صديقه الذي وقف ليتجادل مع بائع الجوافة... نفس الصوت الذي أعرفه أعادني الصوت عشرين عاماً إلي مدرستي الثانوية ... ذلك الجحيم المقيم الذي يستعر بالشياطين مئات الطلبة وعشرات المدرسين... مشاجرات عنيفة لا تنتهي بين الطلبة ، وصراعات أشد عنفاً بين المدرسين... والحل الوحيد هو محاو...