حجة الحجاج... أحمد بهجت
كان الحجاج بن يوسف الثقفي طاغية قد أوتي القدرة علي المغالطة, وكان قادرا علي أن يسوق مغالطاته بحيث تجيء مستندة إلي الحقائق المقنعة..
يحدثنا التاريخ أن الحجاج قتل الشهيد عبدالله بن الزبير, ولم يكد يفعل ذلك حتي ارتجت مكة بالبكاء والعويل وأمر الحجاج بالناس فجمعوا له بالمسجد ثم صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه وقال:ـ يا أهل مكة بلغني بكاؤكم واستفظاعكم قتل عبدالله بن الزبير, إن عبدالله بن الزبير كان من أخيار هذه الأمة حتي رغب في الخلافة ونازع فيها أهلها, وخلع طاعة الله واستكن إلي حرم الله.ولو كان شيئا مانعا من القضاء لمنع آدم حرمة الجنة لأن الله تعالي خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته, وأباحه جنته, فلما كان منه ما كان أخرجه من الجنة بخطيئته.وآدم أكرم علي الله من عبدالله بن الزبير, والجنة أعظم حرمة من الكعبة فاذكروا الله يذكركم.
تأملوا مغالطات الحجاج ومنطقه الظالم الذي يلفه في بيان ناصع وحجة قوية.. إنه يقول للناس إنه ليس مسئولا عن قتل عبدالله بن الزبير لأن الذي قتله هو رغبته في الخلافة ومنازعته أهلها في ذلك.ويقيس الحجاج الظالم ما فعله عبدالله بن الزبير بما فعله آدم, وكيف كانت خطيئته سببا في إخراجه من الجنة.
والحقيقة أن الحجاج كان مكروها من الناس بسبب ظلمه, وكان الرجل يحس بهذا, ولهذا قال وهو علي فراش الموت اللهم اغفر لي فإنهم يقولون إنك لا تفعل, وبسبب كراهية الناس له حوروا كلماته ونسبوا إليه قوله اللهم اغفر لي وما أظنك تفعل( إشارة إلي يأسه من رحمة الله)
.لقد حدث بعد موت الحجاج أن جاء رجل إلي الحسن البصري فقال له: إني حلفت بالطلاق أن الحجاج بن يوسف الثقفي في النار فماذا تقول في ذلك؟ هل أقيم مع امرأتي أم أعتزلها.. قال البصري قد كان الحجاج فاجرا فاسقا وما أدري ما أقول لك.. إن رحمة الله واسعة
وحار الرجل في أمره وانتهي به الأمر إلي قول عالم له: أقم مع زوجتك فإن الله تعالي إن غفر للحجاج لم يضرك الزنا.
عن جريدة الأهرام عدد 3/3/2009
تعليقات