المشاركات

لم تعد كبلادي

بعد عامين في بلدي الأول جاءت التعليمات والأوامر العليا بانتقالي من جديد، وكعادة الخراف المطيعة التي تخشي دوما من فتك الذئب بها، كان لزاما علي أن ألبي النداء وانصاع للأوامر خاصة وأن المدير الكبير يعرف أكثر. حاشية : أعشق روايتي جورج أورويل : مزرعة الحيوان، و1984 ، قرأت الأولي بالعربية وأنا في الصف الأول الثانوي – مع تحية شكر وتقدير للفتي السخيف حسام الذي استعرتها منه خاصة وأن ثمنها كان " ثمانون قرشاً " – طبعة الهيئة العامة للكتاب- وبعد ذلك سعيت للحصول علي النص الأصلي بالانجليزية، وحاولت بعد ذلك العثور علي ترجمة جيدة لرواية 1984 لكني لم أجد فصبرت حتي ابتعت النص الأصلي بالانجليزية، وفيما بعد أصدر د. أحمد خالد توفيق ترجمة منقحة وبكثير من التصرف كما اعترف هو، وبالرغم من ذلك فهناك العديد من العبارات الخالدة في الروايتين واللتان تصلحان لكثير من المواقف، والتي أسرف في استخدامها خاصة شعار " الخير في الأقدام الأربعة والسوء في القدمين" ، و" الرفيق نابوليون يعرف أكثر" ، و"الأخ الأكبر يراقبك". بعد عامين عدت فيهما من بلدي الثاني الذي ترك في علامات لن تنمحي ، و

هذي بلاد لم تعد كبلادي...فاروق جويدة

كم عشت أسأل: أين وجه بلادي أين النخيل وأين دفء الوادي لاشيء يبدو في السّماء أمامنا غير الظلام وصورة الجلاد هو لا يغيب عن العيون كأنه قدر .. كيوم البعث والميلاد قد عشت أصرخ بينكم وأنادي أبني قصورا من تلال رماد أهفو لأرض لا تساوم فرحتي لا تستبيح كرامتي .. وعنادي أشتاق أطفالا كحبّات النّدي يتراقصون مع الصّباح النّادي أهفو لأيّام تواري سحره ا صخب الجياد.. وفرحة الأعياد اشتقت يوما أن تعود بلادي غابت وغبنا .. وانتهت ببعادي في كلّ نجم ضلّ حلم ضائع وسحابة لبست ثياب حداد وعلي المدي أسراب طير راحل نسي الغناء فصار سرب جراد هذي بلاد تاجرت في عرضها وتفرّقت شيعا بكلّ مزاد لم يبق من صخب الجياد سوي الأسي تاريخ هذي الأرض بعض جياد في كلّ ركن من ربوع بلادي تبدو أمامي صورة الجلاد لمحوه من زمن يضاجع أرضها حملت سفاحا فاستباح الوادي لم يبق غير صراخ أمس راحل ومقابر سئمت من الأجداد وعصابة سرقت نزيف عيوننا بالقهر والتّدليس .. والأحقاد ما عاد فيها ضوء نجم شارد ما عاد فيها صوت طير شاد تمضي بنا الأحزان ساخرة بنا وتزورنا دوما بلا ميعاد شيء تكسّر في عيوني بعدما ضاق الزّمان بثورتي وعنادي أحببتها حتّي الثّمالة بينما

الفوائد البنكية في ظل الأحكام الشرعية...محمد شوقي الفنجري

ذكر بعض الأشخاص‏,‏ علي بعض الفضائيات‏,‏ وعلي فترات متعددة‏,‏ أن كل فائدة علي الاطلاق‏,‏ سواء كانت اخذا أم عطاء‏,‏ هي من قبيل الربا المحرم شرعا‏,‏ والذي توعده القرآن بحرب من الله ورسوله‏,‏ بل افتي بعضهم بتحريم التعامل مع البنوك الوطنية والحكومية بدعوي انها تتعامل بالفائدة الربوية‏,‏ وهو الأمر الذي احدث بلبلة لدي عامة المسلمين‏,‏ وتخوفا لدي البسطاء من أصحاب المعاشات وصغار المدخرين من حملة شهادات الاستثمار واصحاب الودائع الاستثمارية‏,‏ والذين يعتمدون علي عائدها الاستثماري في توفير احتياجاتهم الضرورية وتدبير حياتهم المعيشية‏.‏لذلك تعين التذكير بالحقائق الاتية‏: ‏أولا‏:‏ في سنة‏1903‏ ألفت الحكومة المصرية لجنة من علماء الأزهر لدراسة موقف الشرع من حوافز أو مكافأة التوفير في صندوق توفير البريد‏,‏ وصدر نتيجة لهذه الدراسة‏,‏ نظام خاص لهذا النمط الجديد من انماط الادخار والاستثمار‏.‏وبعرضه علي الامام الشيخ‏/‏ محمد عبده بصفته وقتئذ مفتي الديار المصرية‏,‏ وافق عليه مؤكدا قوله ان الحكمة في تحريم الربا ألا يستغل الغني حاجة اخيه الفقير‏,‏ بخلاف المعاملة التي ينتفع ويرحم فيها الآخذ والمعطي‏,‏ والتي لول

من لم يرها لم يعرف عز الاسلام

وصف ابن خلدون مدينة القاهرة سنة‏622‏ بالتمام والكمال‏..‏ فقال لا فض فوه ولا انصرف عنه سامعوه‏.‏ـ انتقلت إلي القاهرة أول ذي القعدة سنة‏784‏ هجرية‏,‏ فرأيت حضرة الدنيا وبستان العالم‏.‏إنه يسمي القاهرة حضرة الدنيا وبستان العالم‏... ‏ ثم يستطرد فيقول‏:‏ رأيت حضرة الدنيا وبستان العالم‏,‏ ومعشر الأمم ومدرج الذر من البشر‏,‏ وايوان الإسلام‏,‏ وكرسي الملك تلوح القصور والأواوين في جوها‏,‏ وتزهر الخوانيق والمدارس بآفاقها‏,‏ وتضيء البدور والكواكب من علمائها‏,‏ قد مثل بشاطئ بحر النيل نهر الجنة ومدفع مياه السماء يسقيهم النهل والعلل سبحه ويجبي إليهم الثمرات والخيرات ‏ومررت في سكة المدينة وهي تخص بزحام المارة‏,‏ وأسواقها تزخر بالنعم‏,‏ ومازلنا نتحدث عن هذا البلد وبعد مداه في العمران واتساع الأحوال‏,‏ وقد اختلفت عبارات من لقيناه من شيوخنا وأصحابنا حاجهم وتاجرهم بالحديث عنه‏.‏ سألت صاحبنا قاضي الجماعة وكبير العلماء بالمغرب فقلت له‏:‏ كيف هذه القاهرة؟ قال‏:‏ من لم يرها لم يعرف عز الإسلام‏ .‏ وسألت شيخنا كبير العلماء عن القاهرة فقال‏:‏ كأنما انطلق أهلها من الحساب‏..‏ يشير بذلك إلي كثرة الأمم وأمنهم من الع

من كل شيطان وهامة

كانت العرب تعتقد في أيام الجاهلية وصدر الاسلام أن روح القتيل تصير طائراً يحوم حول أهله صائحاً " اسقوني" حتي ياخذ بثأره ، وكانت العرب تسمي هذا الطائر الهامة، ربما لاعتقادهم بأنه يخرج من رأس القتيل. كذلك تسميه طائر الصدى، والصدى تعني فضلاً عن رجع الصوت العطش . يقول الدميري في كتاب " حياة الحيوان الكبري" أن الهامة هي ذكر البوم من طيور الليل ويرتبط في بعض الحكايات بالقتيل ولا يقتصر في بعضها الآخر عليهن حيث تزعم العرب أن الانسان اذا مات أو قتل تتصور نفسه في صورة طائر تصرخ علي قبره مستوحشة لجسدها . نقلاً عن رواية أطياف لرضوي عاشور

حجة الحجاج... أحمد بهجت

كان الحجاج بن يوسف الثقفي طاغية قد أوتي القدرة علي المغالطة‏,‏ وكان قادرا علي أن يسوق مغالطاته بحيث تجيء مستندة إلي الحقائق المقنعة‏.. ‏ يحدثنا التاريخ أن الحجاج قتل الشهيد عبدالله بن الزبير‏,‏ ولم يكد يفعل ذلك حتي ارتجت مكة بالبكاء والعويل وأمر الحجاج بالناس فجمعوا له بالمسجد ثم صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه وقال‏:‏ـ يا أهل مكة بلغني بكاؤكم واستفظاعكم قتل عبدالله بن الزبير‏,‏ إن عبدالله بن الزبير كان من أخيار هذه الأمة حتي رغب في الخلافة ونازع فيها أهلها‏,‏ وخلع طاعة الله واستكن إلي حرم الله‏.‏ولو كان شيئا مانعا من القضاء لمنع آدم حرمة الجنة لأن الله تعالي خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته‏,‏ وأباحه جنته‏,‏ فلما كان منه ما كان أخرجه من الجنة بخطيئته‏.‏وآدم أكرم علي الله من عبدالله بن الزبير‏,‏ والجنة أعظم حرمة من الكعبة فاذكروا الله يذكركم‏.‏ تأملوا مغالطات الحجاج ومنطقه الظالم الذي يلفه في بيان ناصع وحجة قوية‏..‏ إنه يقول للناس إنه ليس مسئولا عن قتل عبدالله بن الزبير لأن الذي قتله هو رغبته في الخلافة ومنازعته أهلها في ذلك‏.‏ويقيس الحجاج الظالم ما فعله عبدالله بن الزبير بم

ويحب ناقتها بعيري

إن كنت عاذلتي فسيـري نحو العراق ولا تحوري لا تسألى عن جل مالـي وانظري كرمي وخيري وفوارس كأوار حر الناراحــلاس الـذكــور شـدوا دوابـر بيضهـم في كل محكمـة القتيـر واستـلأمـوا وتلبـبـوا ان التلـبـب للمغـيـر وعلى الجياد المضمرات نوارس مثـل الصقـور يخرجن من خلل الغبـار يجفـن بالنعـم الكثيـر أقررت عيني من أولئـك والفـوائـح بالعـبـيـر واذا الريـاح تناوحـت بجوانب البيـت الكسيـر ألفيتنـي هـش اليديـن بمري قدحي أو شجيري ولقد دخلت على الفتـاة الخدر في اليوم المطيـر الكاعب الحسناء ترفـل في الدمقس وفي الحرير فدفعتـهـا فتـدافـعـت

المنخل اليشكري

في شتاء بعيد في اوائل التسعينات كنت أستذكر دروسي علي صدي هيئة الاذاعة البريطانية عندما استوقفني صوت محمد سليمان وهو يردد بيت شعر استلفتني للغاية : وأحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري ياللعجب ، كم هو مرهف الحس ذلك الشاعر الغابر، انه يجعل حبه مصدراً لعدوي الحب لمن حوله حتي أن بعيره يلتقط تلك العدوي ويغرم بناقة محبوبة سيده ، فلو أن شاعرنا كان من عصرنا الحالي لقال وأحبها وتحبني ويحب سيارتها توكتوكي دفعني هذا البيت للبحث عن قائله خاصة أني لم التقط اسمه من المذياع، وبعد فترة سمعت أحد مدرسي اللغة العربية يردد نفس البيت ناسباً إياه لقيس بن الملوح وهو ما لم يرق لي مطلقاً، فقيس لم يكن يملك هذا القدر من الثقة بالنفس وفي حب ليلي له - ناهيك عن كونها تزوجت غيره - ومن ثم لا يمكن أن يكون قد قال مثل هذا البيت. وتمر أيام كثيرة تاه خلالها البيت من ذاكرتي حتي لفتني اسم شاعر من أصحاب القصيدة الواحدة - بالمفهوم الحديث يمكن القول علي حميدة صاحب لولاكي وبس - كان اسمه المُنٌخلٌ اليشكري ...وما استوقفني هو أن الكاتب قد وضع بين شرطتين لا تعني الغربال !! قرأت القصيدة وأعجبني جرسها الموسيقي وا