المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠٠٧

محمود حسن

كانت سيارة الأجرة تتهادي وسط زحام الشارع الذي لا يتوقف صباح مساء ، كنت جالساً إلي جوار السائق الذي استعد لبدء حوار من تلك الحوارات الساخطة ، وبالطبع لم أكن مهتماً بأي حال من الأحوال للدخول في أي من تلك الحوارات لذا تشاغلت بالنظر إلي المارة في الشوارع الصغيرة المتفرعة من الشارع المتوقف عندها لمحته يمشي ... كان " محمود حسن " بشحمه ولحمه... وشعر راسه الفاحم ... وقامته المديدة لو أن الزمان عاد إلي الخلف عشرين عاماً لما كان الفارق كبيراً الفارق الوحيد كان في الكهل الذي يسير إلي جواره هذا صديقه الحميم الذي لا يفارقه منذ سنوات تجاوز الربع قرن...والفارق أن صديقه قد شاب شعره وانحني ظهره وبدا جلياً أن السنين تركت أثارها عليه كان ينقصني فقط أن أستمع إلي صوته حتي أتأكد أنه هو وكأنما أخبره أحد برغبتي هذه فانطلق ينادي علي صديقه الذي وقف ليتجادل مع بائع الجوافة... نفس الصوت الذي أعرفه أعادني الصوت عشرين عاماً إلي مدرستي الثانوية ... ذلك الجحيم المقيم الذي يستعر بالشياطين مئات الطلبة وعشرات المدرسين... مشاجرات عنيفة لا تنتهي بين الطلبة ، وصراعات أشد عنفاً بين المدرسين... والحل الوحيد هو محاو

ماذا بعد المورلوك الايلوي ؟

أجاب " ويلز " علي هذا السؤال بالايجاب ... لكن في عام 802701 وحتي لا نكون متشائمين لا بد وأن نشير إلي أن مسافر الزمان عندما غادر زمن الايلوي والمورلوك توجه إلي زمان أبعد في المستقبل وكانت رؤيته لهذا الزمان أشد قتامة من سابقتها لدرجة أن دار النشر اقتطعت هذا الجزء من الرواية التي نشرت عام 1895 ، وفيما بعد نشر هذا الجزء كرواية منفصلة تدعي " الرجل الرمادي " بعدما فر المسافر وقفز بالزمن وجد نفسه في أرض لا تحمل أي شبه بأرضه أو أرض الايلوي والمورلوك ... عندما بحث عن أحياء لم يجد سوي حيوانات تشبه الأرانب تتقافز حوله ، وقبل أن يحاول قذف أحدها بالحجارة يكتشف وجود تشابه كبير بين ملامحها وملامح الايلوي ... لقد انحدر الايلوي من اشباه البشر إلي اشباه الحيوانات...الأليفة منها كانت هذه الفكرة مثار رعب المسافر ، فإذا كان الايلوي قد انحدروا إلي هذه الدرجة ، فما بال المورلوك ؟؟ لم يطل تساؤله كثيراً ، فقد وجد كائناً بالغ الضخامة يشبه السرطان يقترب منه ، ففر المسافر يوماً إلي الأمام ، وعندما عاد وجد أن هذا الكائن قد التهم كافة الكائنات الصغيرة لقد اختلفت المعادلة اذن ...لم تعد لحمك مقابل

ايلوي ومورلوك...واحد

" ... اكتشف المسافر أن التوزيع الطبقي الذي كان موجوداً في مجتمعه لا يزال سائداً ، وأن الجنس البشري قد انقسم إلي فرعين ، فالطبقات الغنية المترفة تحولت إلي جنس خامل كسول الايلوي ، فيما تحولت الطبقات العاملة إلي جنس أقرب للوحوش يدعي مورلوك يأكل لحم البشر ويعيش تحت الأرض ويتولي ادارة المصانع والآلآت التي تكفل للايلوي الحياة المرفهة التي لا يحتاجون فيها للعمل ، وعلي الرغم من هذا فإن الفرعين يشتركان في انخفاض مستوي ذكائهما " في عام 1895 نشر كاتب بريطاني هذه السطور ضمن رواية نشرت علي حلقات في مجلة " نيو ريفيو" يعتبرها الكثيرون احدي أشهر روايات الخيال العلمي في التاريخ ، وإن كانت حقيقتها غير ذلك كتب " هربرت جورج ويلز " روايته " ألة الزمن " ليعبر فيها عن رؤيته لتطور المجتمع الصناعي الحديث الذي شهد تطوره المتسارع في لندن في نهاية القرن التاسع عشر ، وبفكره الاشتراكي وجد " ويلز " أن التطور الصناعي وما يجره علي المجتمع من تقسيمات جديدة سيؤدي إلي تطورات خطيرة لم يجد حوله من يدرك نهايتها عندها حاول " ويلز " لفت الانظار إلي الخطر الذي يتوجه

المكتب

أنت قدري يا (ك) ، والانسان العاقل يعلم جيداً أنه من المستحيل أن يهرب من قدره لذا عندما أعلموني بأني زميلاً جديداً سيشاركني المكتب لفترة قصيرة كنت شبه متأكد أن هذا الزميل سيكون أنت لذا حرصت علي ألا أبدو مندهشاً عندما أطللت بابتسامتك العريضة وألوانك الزاهية وعطرك الفواح الذي يزكم الأنوف دخلت لتحييني في حرارة وتعانقني في قوة علي الطريقة الأمريكية وصوتك الجهوري يسمع كل من يتواجد بأنك طلبت أن تشاركني المكتب باعتبارنا أعز الأصدقاء بسملت وحوقلت واستعذت بالله من الشر المعلن والخفي وقلت لنفسي ربما يرغب في فتح صفحة جديدة وانهاء السلام البارد والعلاقات المطبعه بيننا مر اليوم الأول علي خير ، ربما بسبب انشغاله في ترتيب مكتبه وتزيينه واصدار الأوامر والتعليمات لعمال النظافة بوضع متعلقاته الكثيرة والفريدة التي تجعل مكتبه يتحول إلي جزء مشابه لمنزله وشعاره في ذلك أن الانسان يبدع أكثر عندما يشعر بالراحة أكثر ، وشعور ه بأنه في منزله هو ما يشعره بأقصي الراحة وبالتالي أكثر الابداع في العمل. في اليوم الثاني بدأت أشعر أن (ك) تغير وأن بعض الحرارة بدأت تدب في العلاقات الباردة وفي اليوم الثالث تضاعف هذا الشعور و

هل سيغفر الله لنا ؟

أحسست بنوبة شديدة من الحرج خلال حضوري لعرس شخصين لا أعرفهما ، وسبب الحرج لم يكن أني لم أعرف سوي من ذهبت معهم للعرس ، ولا لأن العرس أقيم في قاعة فخيمة تحتل قلب فندق سامق الرقي ، بل لأن مشهداً تكرر مرتين جعلني أواجه هذا السؤال : هل سيغفر الله لنا ؟ كنت أسير علي مهل متوجهاً نحو القاعة التي يقام فيها العرس عندما لمحت طفلة لا تتجاوز العاشرة من عمرها ترتدي ملابس فضفاضة شاحبة الألوان وتغطي رأسها بخرقة متأكلة الأطراف تحمل حقيبة ضخمة تنوء بحملها كانت تحاول الهرولة خلف ثلاثة أطفال في مثل عمرها وهي تناديهم " تامر بيه...استني يا شادي بيه...ارجعي يا لمياء هانم " تعثرت الطفلة وهي تركض فسقطت الحقيبة وتطايرت محتوياتها وقبل أن تنهض الطفلة كانت امراة تنهرها في حدة ، بدت تلك المراة في منتصف العمر تضع زينة مبالغ فيها وتغطي جانباً من رأسها بحجاب انزلق خارجه معظم شعرها ، فيما ترتدي ثياباً ضيقة للغاية تبدو أصغر بدرجتين علي الأقل من المفترض لم يلفت المشهد انتباه احد سواي علي ما يبدو فاعتبرت أنه تمثيل حي لقصة يوسف ادريس القصيرة الشهيرة التي كانت مقررة علينا في الدراسة الثانوية ، وواصلت السير عندما وص