المكتب


أنت قدري يا (ك) ، والانسان العاقل يعلم جيداً أنه من المستحيل أن يهرب من قدره
لذا عندما أعلموني بأني زميلاً جديداً سيشاركني المكتب لفترة قصيرة كنت شبه متأكد أن هذا الزميل سيكون أنت
لذا حرصت علي ألا أبدو مندهشاً عندما أطللت بابتسامتك العريضة وألوانك الزاهية وعطرك الفواح الذي يزكم الأنوف
دخلت لتحييني في حرارة وتعانقني في قوة علي الطريقة الأمريكية وصوتك الجهوري يسمع كل من يتواجد بأنك طلبت أن تشاركني المكتب باعتبارنا أعز الأصدقاء
بسملت وحوقلت واستعذت بالله من الشر المعلن والخفي وقلت لنفسي ربما يرغب في فتح صفحة جديدة وانهاء السلام البارد والعلاقات المطبعه بيننا
مر اليوم الأول علي خير ، ربما بسبب انشغاله في ترتيب مكتبه وتزيينه واصدار الأوامر والتعليمات لعمال النظافة بوضع متعلقاته الكثيرة والفريدة التي تجعل مكتبه يتحول إلي جزء مشابه لمنزله وشعاره في ذلك أن الانسان يبدع أكثر عندما يشعر بالراحة أكثر ، وشعور ه بأنه في منزله هو ما يشعره بأقصي الراحة وبالتالي أكثر الابداع في العمل.
في اليوم الثاني بدأت أشعر أن (ك) تغير وأن بعض الحرارة بدأت تدب في العلاقات الباردة
وفي اليوم الثالث تضاعف هذا الشعور
وفي اليوم الرابع بدأت ألوم نفسي علي سوء ظني الدائم ب(ك) وظلمي الشديد له في الماضي
وفي اليوم الخامس اكتشفت أني أحمق كالعادة
حضرت مبكراً كعادتي وتوجهت إلي مكتبي وحاولت فتح الباب لكن الرتاج لم يستجب ، حاولت أكثر من مرة بدون جدوي ، ناديت علي معاون الخدمة فجاء يمشي الهويني وقبل أن أتكلم قال :المفتاح لن يعمل يا سيدي ، لقد قام السيد (ك) بتغيير الرتاج مساء أمس ، وقبل أن أعقب كانت رائحة (ك) الفواحة تزكم أنفي وتسبق صوته الجهوري الذي عصف بآذاني وهو يقول:
- لقد حرصت علي أن آتى باكراً حتي أكون أول من يهنئك ، لقد وافق المدير علي أن يمنحك أنت المكتب الجديد ، هنيئاً لك
أحمق بكل تأكيد ... لا بد أنني أحمق من طراز فريد ... ورغم ذلك استوعبت الموقف علي الفور ، تماما ك(تيري بنديكت ) صاحب نادي القمار الشهير في أول أفلام سلسلة أوشنز الفين ) عندما فهم علي الفور كيف سرق
لقد جاء (ك) ليزاملني وربما في البداية كانت نيته أن يبقي لفارة قصيرة ، لكن بعد أن بذل جهداً في اعداد المكان وترتيبه استثقل أن يتركه وينتقل إلي مكتبه الجديد ، وكالعادة كان الحل أن يقوم بهذه المهمة شخص آخر ...ومن هو ذلك الشخص ؟ العبد لله بالتأكيد هو الأكفأ والأكثر جدارة بذلك وتاريخه الحافل مع (ك) يجعله الاختيار المنطقي ... بل ربما يكون هذا هو السبب الرئيس من اختيار (ك) لمكتبي لقضاء فترة الانتظار المزعومة
ولابد أنه بعد انصرافي بالأمس ذهب للمدير واخبره بهذا الطلب العجيب واقنعه سواء بالطريقة الناعمة بأني أقدم في المكان واحتاج لمكتب جديد وأحق به ، أو بالطريقة الخشنة بأنه اذا رفض سيعرض نفسه لسخط ونقمة الادارة العليا للشركة التي تعرف جيداً من هو (ك) وما هي اتصالاته وعلاقاته المتشعبة
وفي النهاية لا بد وأن يوافق المدير
لكن ( ك ) لم يحسب حساب رد فعلي
وهذا خطأ لا يغتفر
صديقي ( ك) ... أنصحك أن تشاهد الجزء الثاني من نفس السلسلة حتي تعرف ماذا سأفعل
لكن ...لحظة... ليس هذا هو الفيلم المطلوب
أنصحك أن تشاهد أي من أفلام سلسلة روكي التي لا أعرف عددها
قبل أن يدرك أحد ما انتويه وضعت حقيبتي علي الأرض واستدرت نحو الباب وبكل قوتي دفعته ليتزحزح الرتاج قليلاً ، وقبل أن ينطق أحدهم كان كتفي يضرب الباب للمرة الثانية بعنف ليسقط الرتاج وينفتح الباب
وبكل هدوء حملت حقيبتي ودلفت إلي المكتب وقلت : سأبقي في مكتبي ...وعلي المتضرر اللجوء للمدير
كنت أعرف وقتها أن الصراع لم ينتهي بعد ، لكني انتصرت في هذه الجولة علي صديقي (ك)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نانسي الحبوبة وشقيقها سلوجو

حجة الحجاج... أحمد بهجت