العلاقات الدولية من منظور كروي...الأول

العلاقات الدولية من منظور كروي
الأول
قديماً قال أرشميدس "لو أعطيتني مركز ثقل مناسب ، لرفعت لك الكرة الأرضية

أي أنك لو عرفت كيف تنظر إلي الأمور من الزاوية الصحيحة لما كان هناك أمر غامض
وفي هذا المقال سأحاول أن أجمع عدداً من المواقف والحوادث بشكل قد يعطي رؤية أفضل لجانب غير مطروق من العلاقات الدولية
" مصر في كأس العالم 2006 !!!" هكذا كتبت صحيفة الأهرام في عام فبراير2002 في أعقاب نجاح مصر في الحصول علي استضافة بطولة كأس الأمم الأفريقية لعام 2006 ، والسبب أن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم كان قد اتخذ قراراً في نهاية عام 2001 بأن تكون التصفيات المؤهلة لكلا من كأس الأمم الأفريقية وكأس العالم تصفيات مشتركة ، للتقليل من عدد المباريات التي يلعبها اللاعبون الدوليون مع منتخبات بلادهم في كل عام
جاء هذا القرار بضغط شديد من جانب الأندية الأوروبية الكبرى التي تدفع الملايين للحصول علي خدمات اللاعبون الأفارقة ، والتي لم يعجبها أن تخسر جهودهم بسبب مشاركتهم مع بلادهم في تصفيات الأمم الأفريقية ثم تصفيات كأس العالم ، ومن ثم تدخلت بشدة لدي الإتحادين الدولي والأفريقي لدمج التصفيات ، وكان لها ما أرادت
ومن ثم كانت مصر تسعي لاستضافة البطولة الأفريقية علي ملاعبها وهو ما سيزيد من فرص تأهلها لكأس العالم لأول مرة منذ عام 1990 ، ومن المهم للغاية ملاحظة أنه في نفس الوقت تقريباً كان رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جوزيف بلاتر يكرر تصريحه بأن بطولة كأس العالم في 2010 حق خالص لأفريقيا باعتبارها القارة الوحيدة التي لم تحظ باستضافة هذه البطولة.
تقدمت مصر بطلب استضافة أمم أفريقيا 2006 ، وحتي اليوم الأخير لتقديم الترشيحات لم يكن هناك منافسة لكن المغرب وجنوب أفريقيا وليبياونيجيريا تقدموا بطلبات في اللحظة الأخيرة ، وهو ما كان غريبا من منطلق أن أيا منها لم تعلن أي اهتمام بتنظيم البطولة مسبقاً كما أن جنوب أفريقيا سبق واستضافة بطولة عام 1996 وبالتالي فمن غير المنطقي أن تنظم بطولتين خلال 10 سنوات فقط ،أما نيجيريا فنظمت البطولة بالاشتراك مع غانا في عام 2002 ، أما ليبيا فلا تملك الإمكانيات التي تؤهلها لمنافسة مصر أو حتي المغرب .لكن العجب سيزول بعد أشهر عندما تعلن هذه الدول عن سعيها لاستضافة كأس العالم 2010
وقبل عقد الجمعية العامة للاتحاد الأفريقي التي ستقرر الفائز ، كانت اتصالات تجري بين هذه الدول ومصر لعرض التنازل عن الترشيح مقابل قيام مصر بالانسحاب من سباق تنظيم كأس العالم ، ولما كانت مصر متأكدة من قوة موقفها كانت ترفض كافة هذه العروض ، وبالفعل نجحت في حسم الصراع لصالحها والفوز بتنظيم بطولة الأمم الأفريقية في 2006 ، وهو ما يفتح الطريق الملكي أمامها للوصول إلي كأس العالم ، فهناك خمسة مقاعد لأفريقيا في كأس العالم ، أي أن الفريق المصري سيكون عليه أما التأهل للدور قبل النهائي وحجز مقعد مباشرة في كأس العالم ، أو الوصول لدور الثمانية وخطف المقعد الخامس ، وهو ما لن يكون عسيراً علي منتخب مصر علي أرضه وبين جمهوره.
لكن في نفس الوقت كانت هناك تحركات مضادة ، فالدول الأخري الساعية لتنظيم كأس العالم لم يرضها رفض مصر للصفقة ، وبقائها تمثل تهديداً خطيراً علي مساعيها ، فدوماً كانت مصر هي المرشح الأقوي ، بالرغم من تصريحات جوزيف بلاتر بتأييد جنوب أفريقيا ، ومن تخصيص ليبيا 4 مليارات دولار لتنفيذ ثورة رياضية شاملة ،ومن خبرة المغرب التي ترشحت لتنظيم البطولة منذ عام 1994 .
وكانت المفاجأة التي لم يتوقعها مصري واحد حينما تقدمت نيجيريا بطلب لبدء بحث كيفية تنظيم التصفيات الأفريقية لكأس العالم !!! وكانت المفاجأة الأكبر أن الاتحاد الأفريقي لم يستغرب الطلب وأضافه إلي جدول أعمال الجمعية العامة المقبلة!!
وعبثاً جاءت تساؤلات مصر حول جدوي هذا الطلب بعد أن قرر الاتحاد بالفعل أن تكون بطولة الأمم الأفريقية هي المؤهلة لكأس العالم ، لكن الرد العبقري من الاتحاد الأفريقي جاء بأن الاتفاق السابق تضمن أن تكون تصفيات وليس نهائيات كأس الأمم الأفريقية هي المؤهلة لكأس العالم .
ومن ثم فإن بطولة عام 2006 التي فازت مصر باستضافتها صارت غير ذات جدوي ، وبأغلبية كاسحة كان الاتحاد الأفريقي يعتمد نظاماً جديداً للتصفيات يقضي بتقسيم الدول المشاركة إلي خمس مجموعات تضم كل مجموعة 6 دول ، بحيث تصعد الدولة المتصدرة مباشرة إلي كأس العالم ، كما تصعد الثلاث دول الأولي من كل مجموعة إلي كأس المم الأفريقية ، اضافة إلي أفضل دولة تحتل المركز الرابع وبهذا يكتمل العدد 16 دولة.
وفي محاولة يائسة دفعت مصر بحالة ما اذا فشلت في التأهل لنهائيات كأس الأمم الأفريقية التي ستقام علي أرضها ، كيف سيكون الوضع ؟ ونظراً لما سيؤدي له هذا الوضع من خسائر مالية هائلة للاتحاد الأفريقي ، عاد الاتحاد وقرر أن تصعد مصر للأمم الأفريقية بغض النظر عن ترتيبها ، أي أن هدفها من التصفيات سيكون كأس العالم فقط.
وتبع هذه الصدمة صدمة أخري عندما أجريت القرعة ووضعت مصر في مجموعة واحدة مع الكاميرون ممثلة أفريقيا الدائمة في كأس العالم ، وكوت ديفوار الفريق بالغ القوة ، وهو ما يقلل للغاية من فرص صعود مصر لكأس العالم ، لكن في نفس اللحظة كان هناك من يهمس في أذن الاتحاد المصري لكرة القدم أن هناك أخباراً سعيدة في القريب العاجل .

( يتبع قريبا)

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نانسي الحبوبة وشقيقها سلوجو

حجة الحجاج... أحمد بهجت