..سلمة بن الأكوع ..الأول


ساد جو من الهدوء والترقب ساحة الاجتماع الذي تراص فيها كبار قادة الجيش منتظرين وصول القائد الأعلى لبدء هذا الاجتماع الهام ، وما هي إلا ثوانٍ حتى كان القائد الأعلى يحتل موقعه وسط قواده ورجاله ليبدأ الاجتماع .
قال القائد الأعلى :
- تعلمون أن اتفاق الهدنة الذي وقعناه مؤخراً مع أقوي أعدائنا والذي عارضه معظمكم قد منحنا فرصة مناسبة لتأمين جبهتهم ، ومن ثم يمكن أن نوجه كامل قواتنا للقضاء علي باقي مصادر التهديد التي لم بكن باستطاعتنا التعامل معها في السابق ، خاصة وأنه إن لم نتعامل معهم الآن فقد يستفحل خطرهم ويكون من الصعب مواجهتهم لاحقاً ، أخذاً في الاعتبار أن من غير المستبعد أن ينتهك اتفاق الهدنة في أي وقت
توقف القائد لبرهة ليري وقع كلماته علي وجوه رجاله الذين غصت بهم الساحة وقد أعطوا انتباههم كله لكلمات قائدهم الذي استطرد قائلاً :
- حسب المعلومات التي جمعتها عيوننا فهناك ثلاثة أهداف رئيسية لا بد من مهاجمتها حيث أنهم بدءوا في حشد الحشود لمهاجمتنا ، ومن ثم فإن عامل السرعة سيكون عليه معول كبير ، فلذا لن نرجع إلي مدينتنا بل سنتوجه مباشرة لمهاجمة هذه الأهداف ، برأيكم أي هدف من الثلاثة سيكون بغيتنا ؟
- اندفع أحد الرجال قائلاً : أقربهم لنا بالتأكيد حتى نفاجئهم وننتهي منهم ثم الذي يليه وهكذا
علت ابتسامة وجه القائد الأعلى وهو يقول :
- هذا تفكير منطقي ويضمن نجاحا أكيداً في الخطوة الأولي ، لكن يعيبه أنه سيعطي انذاراً للهدفين الآخرين ويزيد من استعدادهم لمواجهتنا
علت الهمهمات بين الرجال قبل أن يقول أحدهم : وما العمل إذن ؟
قال القائد الأعلى : لدي خطة أرجو من الله أن يوفقنا لتنفيذها ، إن أقوي الأهداف هو أبعدها عنا لذا فسنتوجه نحوه مباشرة حتي نفاجئه من ناحية وحتي لا نعطيه فرصة لجمع عدد أكبر من القوات من ناحية أخري، في نفس الوقت فإن أقرب الأهداف لنا هو أضعف الثلاثة ولذا سنرسل فرقة صغيرة للتخلص من قائد القوات وفي حال نجاحها ستتشتت قواته ولن تقوم لهم قائمة وم ثم لن يتبق لنا سوي الهدف الثاني الذي سيكون في طريق عودتنا
ساد الصمت بين الرجال ثم قال أحدهم : نعم الخطة هذه
اندفع باقي الرجال خلف زميلهم مؤيدين للخطة ومستوضحين ما غمض عليهم وعارضين تحسينات أو اقتراحات لتنفيذها علي أرض الواقع
في أثناء هذا الصخب الذي ساد المكان كان أحد الحاضرين يتلفت يساراً ويميناً ليتأكد من أن أحداً لا يوليه اهتماماً حيث توجهت الأنظار نحو القائد الأعلى ، فتسلل مغادراً ساحة الاجتماع دون أن يراه أحد حيث توجه إلي مركبته فركبها وانطلق مبتعداً بأقصى سرعة لديه
هنا فقط تنبه القائد الأعلى إلي ذلك الهارب وبدون لحظة تردد قال :
- الرجل عين علينا ، لقد تسلل إلي اجتماعنا كي يتقل هذه الخطة إلي أعدائنا
- ساد الوجوم كافة الوجوه : فهذا الجاسوس علي وشك إفساد الخطة بأكملها واهدار أحد أهم مكاسب اتفاق الهدنة
- لكن القائد الأعلى لم يمنح اليأس فرصة لكي يدخل نفوس الرجال فقال علي الفور :
- من يأتيني بهذا الجاسوس وأضمن له الحصول علي الجائزة الكبرى ؟؟
هنا كان حال الرجال ينقلب 180 درجة : من قمة اليأس إلي قمة الشوق ، فالقبض علي الجاسوس أصبح ثمنه الجائزة الكبرى ، الجائزة التي هي أكبر أمانيهم من الحياة .
هنا كان ثلاثة من الرجال يقفزون من أماكنهم سعياً وراء الجاسوس الهارب ، الأول هرع نحو سيارة دفع رباعي وانطلق بها ، والثاني ركب سيارة رياضية سريعة واطلق لها العنان ، أما الثالث فلم يكن معه ما يركب فأطلق لساقيه العنان !!!
ولو انتقلت بنا الصورة لتنقل هذه المطاردة العجيبة لوجدنا ما لا يصدقه عقل :
فبعد عدة مئات من الأمتار كانت سيارة الدفع الرباعي تغرس وسط الرمال الناعمة وتعجز عن السير ، وبعد فترة إذا بالسيارة الرياضية تجد الرجل الراكض يمر إلي جوارها كأنه يركب صاروخاً بعد أن عجزت السيارة عن ملاحقة سرعة ساقيه
أما الرجل الراكض فقد انطلق تحت الشمس الواهجة والرمال الحارقة خلف الجاسوس ، وبعد عدة كيلومترات كان الجاسوس يتوقف ليتفقد سيارته بعد أن اطمئن إلي عدم وجود غبار خلفه يدل علي وجود سيارات تطارده ، لكنه ما كاد يخرج من سيارته حتى كان الرجل الراكض يهوي علي رأسه ويقيده ويعود به داخل السيارة ليعود إلي قائده الأعلى بصيده الثمين ، وقد حما الخطة من تهديد الأعداء .
*********

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نانسي الحبوبة وشقيقها سلوجو

حجة الحجاج... أحمد بهجت