...لماذا لست مثل ك ؟

ؤلو أني جمعت قرشاً عن كل مرة أسئل فيها هذا السؤال لربما صرت ثرياً للغاية ... بل فاحش الثراء...بل ربما يشار إلي بالشيكات والعملات الصعبة.
( ك) هو صديقي اللدود ... صديق الطفولة الذي ارتبط خط حياتي بحياته منذ أن سكنوا في نفس الطابق الذي نسكن فيه ، أهلي وأهله أصدقاء وهو في سني ، وكنا أطفال ، ففرضت الصداقة نفسها
لكن علي الرغم من ذلك فلو وضعت مرآة بيننا لكان ( ك ) هو النقيض لكل شئ في ، وكنت أنا عكس كل ما يمثله هو.
رغم هذا كان التعايش هو الحل الغالب ، نذهب إلي المسجد سويا ... نلعب الكرة معاً ... ربما ترسلني أمه كي اشتري لها شيئاً ، وربما ترسله أمي كي يبتاع لها ما تحتاج.
لكن ( ك) يذهب إلي مدرسة الأثرياء ، وأذهب أنا إلي مدرسة ( الحكومة ) ، يوصله سائقهم ويعيده في سيارة ، وأكتفي أنا بقدمي ، وطبعا فالمشي رياضة.
لم يكونوا أكثر ثراء منا بكثير علي ما يبدو ، لكنهم كانوا أكثر تقطيراً ، فنحن لا نستطيع مقاومة شراء ثوب جديد ، أو تغيير الأثاث بشكل دوري ، أو السفر للتنزه . وهم لم يرهم أحد يبدلون طلاء جدار خلال عشرين عاماً ، أو يشترون قطعة أثاث خلال ثلاثين عاماً.
وعلي الرغم من ذلك ظللنا أصدقاء ، وجرت الأيام وساقتنا الأقدار كي ندرس في نفس الجامعة ، ونفس القسم ، بل ونفس التخصص . وعرف الجميع بأننا جيران وأصدقاء طفولة ... وعلي الفور بدأت المقارنة.
"... ان (ك ) شديد الثقة في نفسه لماذا انت متردد ؟"
"... ان (ك) ذو علاقات اجتماعية واسعة ، لماذا انت منطوي ؟"
"... ان (ك) يكاد يكون فتي الكلية الأول، أتكتفي بأنك صديقه؟ "
وكان ردي دوما علي هذه الأسئلة ، اني ضمن الأوائل علي القسم والكلية والجامعة ، في حين أن ( ك) يدرك النجاح بصعوبة ... فلماذا لا يكون مثلي ؟
وانتهت الجامعة وظننت أن ( ك ) قد أخذ طريقاً يبعده عني ، وسعيت بكل جهدي كي أجد عملاً مناسباً ، وبعد سعي استمر لثلاثة أعوام تنقلت فيها بين وظائف متواضعة ، نجحت في الحصول علي وظيفة بشركة استثمارية كبيرة بعد اختبارات استمرت شهور عانيت خلالها الأمرين .
وفي ذات اليوم الذي تسلمته فيه أول راتب من عملي الجديد ، وتمنيت أن يأتي كل من سألوني وحاكموني بسبب ( ك) كي يروا ما نجحت فيه. كان ( ك) يتصل بي ويهنئني بذلك العمل ، ويخبرني بمفاجأة... أنه سيلتحق بنفس العمل ...!!!
قالها بكل سعادة : " أنت أخذت طريق الاختبارات وقضيت أشهراً تنتظر ، وأنا أخذت طريقاً أيسر... والدي يرتبط بعلاقات طيبة مع أحد أصحاب تلك الشركة لذا وضعوا اسمي بين قائمة الناجحين في الاختبارات دون أن أخوضها ...!!!"
وتحول اليوم السعيد إلي يوم تداخلت فيه المشاعر... بفضل صديقي (ك) ...صديقي اللدود.
بدأت العمل وبحمد الله بعيداً عن (ك) الذي تم الحاقه بمكان مرموق بالشركة دون سابقة خبرة أو كفاءة ، لكن كان ذلك أفضل مما أتمني.
لكن كفاءتي – اللعينة – جعلتني أنقل للعمل في ذلك المكان المرموق ، ومن ثم عادت المقارنة الذميمة...أنا وصديقي (ك) ... صديقا الطفولة... زميلا العمل... الأبيض والأسود.
( ك) لا يزال الفتي الوسيم بادي الثراء ذو الشعبية الكبيرة بين الجميع والامكانيات المتواضعة ، مقارنة بصديقه الذي تراه عشرة من أشباهه كل يوم ، والذي يؤثر صداقة القليلين ن ويعترف الجميع بتفوقه في عمله.
هل ستظل تلك المقارنة مرتبطة بوجودنا علي قيد الحياه ؟
هل سأظل معروفاً بأني صديق ( ك) ؟
هل سأبقي دوما أسمع ذلك السؤال ؟
لماذا لا تكون مثل صديقك ( ك ) ؟
يتبع

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نانسي الحبوبة وشقيقها سلوجو

حجة الحجاج... أحمد بهجت