...فرسان من أجل الدين


" تحرك شبح وسط ظلام غرناطة متجها نحو منزل متواضع وما أن وصله حتي دق الباب مرة ثم مرتين ثم مرة ليفتح الباب ببطء ويظهر وجه لكهل ، فبادره الشبح بالقول :
-الكونت يوليان يرسل لك التحية ...تحية داوية
فابتسم الكهل ابتسامة صفراء وهو يفتح الباب ويقول :
-أنا دوما في خدمة الكونت ورجال الداوية "
هكذا وصف د.نبيل فاروق العلاقة بين يهود غرناطة وبين فرسان المعبد احدي فرق المحاربين الورعين ، أو فرسان من أجل الدين، تعاون سري بين الجانبين بهدف القضاء علي الدولة الاسلامية الصغيرة ، يهود غرناطة نعرفهم ، قاموا بنفس الدور الذي قامت به يهود بنو النضير وبنو قينقاع ومن سار علي نهجهم منذ فجر الاسلام ، التآمر والخيانة
لكن كيف ظهر في الغرب مفهوم فرسان من أجل الدين ؟
في عام 1119 وبعد عشرين عاماً من سقوط بيت المقدس في أيدي الصليبيين قام عدد من الفرسان والرهبان المتحمسين بانشاء جمعية لخدمة الدين وحماية مصالح النصاري بهدف شد أزر الأمراء النصاري ومساعدة الصليبيين أثناء الحرب والسلم .
وسيب ذلك ما رأوه من تفرق الأمراء النصاري وتخاذلهم أحياناً في مقاتلةالمسلمين ،وكانوا يرون أنه لا بد من قيام جماعات غيورة مخلصة من الفرسان تنذر نفسها للدفاع عن الدين والأراضي النصرانية ، مقتديين في ذلك بجماعات من المسلمين من أهل الثغور والذين أبدوا بسالة منقطعة النظير في محاربة النصاري.
وما لبثت تلك الجماعة أن اشتهرت بين العرب باسم فرسان الداوية ، تفرقة بينهم وبين فرسان القديس يوحنا الذين عرفوا بالاسبتارية.
في الجانب الآخر من الصراع بين النصرانية والاسلام شجع ألفونسو المحارب ملك أراجون علي انشاء فرع لجمعية فرسان المعبد في الأندلس ، وقدم لهم حصون وقلاع وأراضي واسعة كي تعينهم علي مهمتهم ،ونمت الجماعة بسرعة وأخذت تضطلع من ذلك الحين بدور هام في سائر المواقع التي نشبت بين النصاري والمسلمين.
وفي اطار التنافس المستمر بين مملكتي أراجون وقشتالة قام ألفونسو السابع ملك قشتالة بانشاء جماعة مشابهه باسم "فرسان القديس يوليان" .
لكن أشهر جمعيات الفرسان في اسبانيا نشأت بشكل غير رسمي عندما حوصرت قلعة " رباح" فسعي بعض الرهبان الورعين المتحمسين لحشد الجنود النصاري للتطوع للدفاع عن تلك القلعة الحصينة ، وكان لهم ما أرادوا . وسرعان ما تحولت تلك القوة التي دافعت عن القلعة إلي "جمعية فرسان قلعة رباح" الشهيرة.
وكان لهذه الجماعات دور في كثير من المعارك وكان تدخلهم في كثير من الأحيان من عوامل النصر والانقاذ للجيوش النصرانية .
بيد أنه بالرغم من الوازع الديني والعقائدي وراء انشاء هذه الجماعات ، الا ان بواعث وأطماع الدنيا تلاعبت بهم ، فقد كانوا يسيطرون علي أراضي واسعة ويعيشون في بذخ وترف بما يحصلون عليه من الاقطاعات والهبات والنذور الوفيرة ، كما شجعهم هذا علي التدخل في شئون السياسة والعرش وهو ما أفقدهم الكثير من سبب تميزهم العقائدي.
تري هل هناك تشابه بين الماضي والحاضر ؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نانسي الحبوبة وشقيقها سلوجو

حجة الحجاج... أحمد بهجت