حب حتي النهاية

كانا رمزاً للعلاقات المتوترة بين الزوجين ، خلافاتهما كانت حادة ومشاجراتهما كانت صاخبة
الكل يعلم أن الزوجة بالغة العصبية شديدة الطموح ، والزوج هادئ الطباع شديد القناعة
وكان هذا هو السبب الرئيس لكل خلاف بينهما لأكثر من ثلاثين عاماً
هي ترغب أن تكون أفضل من أفضل من تعرفه ...
وهو يرغب في أن يكون أفضل من أسوء من يعرفه ...
ولعمري فإن البون بين الهدفين شاسع ، والشقة بعيدة للغاية
لكن رغم هذا النزاع المستمر الذي تتخلله فترات من استراحة المحاربين ، إلا أن الحياة استمرت بينهما
ربما بسبب الأطفال ، وربما بسبب عدم قدرة أي من الطرفين علي وضع نهاية لها
وبعد ثلاثين عاماً من الصمود انهار السد الذي هو قدرة الزوج علي تحمل هذه المعارك التي لا تنتهي
لكنه لم ينهار ليجرف الزوجة أو الأسرة
بل جرفه هو وحده
كأنه يصر علي التضحية بنفسه حتي النهاية
فلقد أصيب بعدة أمراض في القلب والشرايين في فترة قياسية تعجب لها كل من فحصه من أطباء
ولم يكن له علاج سوي إجراء سلسلة من العمليات الجراحية في القلب
لكن إصابته القديمة كغالبية المصريين بداء السكري وارتفاع ضغط الدم جعل من القيام بهذه العمليات المتتابعة محفوفاً بالمخاطر ، وجعل الأطباء يؤجلون القيام بها مرة بعد مرة. لكن تدهور حالته المستمر جعلهم يتخذون قراراً بالقيام بعملية قلب مفتوح تستمر ليوم كامل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
ورغم المخاطرة الكبيرة وبفضل من الله وبدعاء الكثير من الصالحين الذين عرفوا الرجل ولمسوا فيه الكثير من الخير لسنوات طويلة نجحت العملية بشكل كبير.
وعاد الرجل ليستعيد الكثير من صحته وخلال شهر كان يغادر منزله ويخرج للصلاة في المسجد ويستقبل زواره الكثر وكأنه لم يكن علي شفا الموت
لكن الموت لم يكن يستهدفه هو ... ففجأة ودون مقدمات توفيت زوجته
فالموت لا يفرق بين عليل وصحيح ، وبين شاب وكهل
فالزوجة التي لم تعاني من مرض عضال توفيت في بيتها ، في حين أن الزوج الذي عاني الأمرين كتبت له الحياة
لكن وفاة الزوجة كان لها تأثير غير متوقع
الزوج الذي قضي معها أكثر من ثلاثين عاماً ، جلها في الخلاف والنزاع وقليلها في المودة والرحمة
ذلك الزوج لم يتحمل أن تستمر حياته بعد أن ماتت رفيقة عمره
فقد بدأت حالته تتدهور بشكل غير مسبوق ، وصار وضعه أسوء منه قبل اجراء العملية
وقال الأطباء أن الوضع صار ميئوس منه ، والسبب أنه لا توجد لديه رغبة في الحياة من الأساس
وبعد أقل من شهر من وفاتها ، أسلم الزوج روحه إلي بارئها ولحق بزوجته
هل هناك أحب أقوي من هذا ؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نانسي الحبوبة وشقيقها سلوجو

حجة الحجاج... أحمد بهجت