اللهو الخفي...تأبط شراً

بالتأكيد أنت تعرف من هو ( اللهو الخفي) ... ذلك الاسم الذي يدل علي مجرم عريق في الاجرام له من السمعة تماماً كما السيد ( مستر اكس) ...وإن كان ( اللهو الخفي ) احتفظ بغموضه بنجاح أكبر فالكل يتحدث عن ( اللهو الخفي ) لكن أحداً لم يره ولم يعرف حقيقته... تماماً ك(رقم صفر ) الزعيم الغامض للشياطين ال13
ونظراً لأن الموضوع أثار انتباهي واهتمامي الشديدين ظللت أبحث عن أصل تاريخي (للهو الخفي ) يسبق كثيراً إطلالته المسرحية في ( العيال كبرت ) ، وجاءت اللحظة العبقرية عندما سمعت عن المدعو ( تأبط شراً ) للمرة الأولي
أول ما جذبني هو الاسم المميز... ( تأبط شراً ) ...يعني بالعامية ( خد الشر تحت باطه )... وبتوضيح أكثر نقول أنه مثلاً ( دهن الهوا دوكو ) أو شئ من هذا القبيل
وربما يكون معناه أنه وصل إلي درجة من الإجرام جعلت الشر ذاته تحت سيطرته
لعمري تلك هي المواصفات المطلوبة ( للهو الخفي ).
بدأت أبحث عن قصة ( تأبط شراً ) ... وعلي منتديات العاصفة وجدت سرداً مفيضاً ومفيداً للغاية استعنت به كثيراً .
عرفت أن ( تأبط شراً ) واحد من الشعراء الصعاليك الذين يعتبرهم مؤرخو الشعر العربي ظاهرة فريدة في تاريخ الشعر العربي ، فهم شعراء ولصوص ... قطاع طرق يقرضون الشعر ... يسرقون القوافل ويكتبون القوافي ...يغزون القبائل ويمجدون غزواتهم بشعر بليغ
كان (اللهو الخفي)... أو ( تأبط شراً ) واحداً من خمسة اخوة يحملون كلهم اسماءً مميزة للغاية ، وإليكم الاسماء :
الأخ الرابع : ريش بلغب
الأخ الثالث : ريش نسر
الأخ الثاني : كعب جدر
الأخ الرابع : ولا بواكي له
والتعليق الوحيد الممكن علي هذه الأسماء هو ( أنعم وأكرم ) ... بالفعل أسماء تليق بعائلة وأخوان ( اللهو الخفي ) خاصة الأخ الرابع ( لا بواكي له ) يعني ليس له من يبكيه ان مات ...وبقليل من التصرف نقول ( المستبيع )
أما القصة المثيرة التي كنت أبحث عنها هو سبب تسميته بهذا اللقب ... ( تأبط شراً )
وتوجد قصتان أري أحداهما خيالية والأخري أقرب للواقع تبدأن نفس البداية أن أمه عيرته بأن فتيان الحي يذهبون للعمل ويعودون لأمهاتهم بالخير الكثير فيما يجلس هو بلا عمل ويترك المنزل خاوياً علي وفاضه ، فقام باحثاً عن شئ يعود به إلي أمه وهنا تسلك القصتان مسارين مختلفين
الأولي أنه كان يعلم أنه مهما جاء لأمه فلن يرضيها وستوبخه كعادتها بجملة علي غرار ( ياما جاب الغراب لأمه ) ومن ثم ذهب وجمع حيات وأفاعي في كيس وعاد إلي أمه حاملاً الكيس تحت ابطه متعمداً أن يراه الجيران متأبطاً كيساً ممتلاً ، فلما دخل اسرعت أمه إلي الكيس لتفتحه فانطلقت الحيات والأفاعي لتملاً البيت ، وفي اليوم التالي سأل الجيران أمه عما كان ابنها يتأبط في الأمس قالت وهي تندب حظها ( تأبط شراً ) فلزمته من يومها
أما القصة الثانية – وقد صار واضحاً الآن أنها ستكون الخيالية – أنه عندما خرج ليأتي لأمه بشئ وجد خروفاً فحمله تحت ابطه ليعود به لأمه فظل الخروف يبول عليه طوال الطريق ولما استاء منه حاول أن يذبحه فتحول الخروف إلي ( غول ) فهرب منه ، ولما عاد إلي القبيلة سأله الناس عن سبب البلل والرائحة أسفل ابطه حكي لهم ما حدث مع الغول فقالوا له لقد تأبطت شراً فلزمته من يومها
والخلاصة أن القصتين تدلان علي بوادر انحراف مبكر ووجود ميول اجرامية فالخروف الذي وجده لم يكن الا خروف لجار له ، أي أنه سرق خروفاً ليعود به لأمه ، وفي القصة الأولي حاول أن ينتقم من أمه بأن عاد لها بأفاعي .
وكانت تلك هي بداية اسطورة ( تأبط شراً ) الشاعر الصعلوك واللص الأديب الذي خرج علينا بعده بمئات السنين الكاتب الفرنسي موريس لبلان بقصص ( أرسين لوبين ) اللص الشريف الذي يعد نموذجاً لبعض امكانات ( تأبط شراً ) وتلاها ذيوع سيط ( اللهو الخفي ) ذلك المجرم الأسطوري بالغ الغموض
لكن الأصل سيبقي دوما هو تأبط شراً

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نانسي الحبوبة وشقيقها سلوجو

حجة الحجاج... أحمد بهجت