البداية

كالعادة صحوت متأخراً ... صارت هذا هو ديدني منذ اليوم الذي اكتشفت فيه قدراتي الخارقة ... وعلمت أنني لم أعد ذلك الشاب الذي تقابل عشرة منه في الحافلة ، وعشرين في المسجد ، وربما خمسين في السوق.
يومها علمت أن ( عوض الطوخي ) صار سوبرمان
نعم سوبرمان ولكن ليس من كريبتون ولا يملك اسماً عبرياً ( كال أل ) ولن اترجم معناه
نعم سوبرمان ولكني لا أرتدي منظاراً ولا أعمل صحفياً ، وليس لي هوية سرية أخشي افتضاحها
نعم سوبرمان ولكني – وللأسف هذه المرة - لم أتعرف بعد علي صحفية لحوحة مثل ( رندا ) والا مذيعة تلفزيونية أكثر الحاحاً مثل ( نوال ) .
ربما أكشف لاحقاً عن تفاصيل ذلك اليوم الذي اكتشفت فيه قدراتي الخارقة ، ولكن ليس الآن فقد تأخرت
تسألون كيف يتأخر ( سوبرمان) ؟
سؤال جيد جدا واليكم الاجابة
قبل التحول كنت أستيقظ قبل موعد العمل بساعتين واغتسل واحلق ذقني وأشذب اطراف شاربي ، واتناول طعام الافطار ، ثم اغادر المنزل واسير حتي محطة مترو الانفاق لاركبه لبضعة محطات ، ثم انزل لاركب احدي الحافلات العامة ( سواء ميني باص أو سيارات الجمعية الخضراء أو حتي ميكروباص ) حتي أصل إلي مكان عملي.
غالبا ما أصل متأخراً بسبب ازدحام المترو ، وتأخر الميكروباص أو الخلافات المعتادة بين السائق والركاب ، وانتظار اكتمال العدد بالسيارة ، ثم المناوشات المعتادة بين السائق وشرطة المرور ، وأخيراً الاختناقات المرورية المتكررة.
أما الآن وباعتباري ( سوبرمان ) فقد انتهت هذه المشاكل ، لكني فوجئت بمجموعة جديدة من المشاكل لم أكن أتوقعها
بدايةً شعر ( سوبرمان ) لا ينمو ... أي أن موضوع حلاقة الذقن وتشذيب الشارب قد ذهب بلا عودة ، والسبب طبعا كما يعرف العالمين ببواطن الأمور أن الجاذبية الارضية الضعيفة لن تستطيع أن تدفع تلك الشعيرات للسقوط
هكذا وفرنا ربع الساعة
ثانياً ... ليس هناك ( سوبرمان ) يركب المواصلات ، خاصة وأنه يمكنه الطيران
هكذا وفرنا ساعة ، اضافة إلي ثمن تذكرة المترو واجرة الميكروباص
الصورة وردية للغاية
لكن المشكلة الأولي بدأت عندما أحسست بجوع شديد ...جوع لم أحس به طوال حياتي
أدركت وقتها أن جسد سوبرمان يحتاج إلي ( سوبر ) طعام
وهنا ضاع ما وفرته في المواصلات ، واحتاج إلي عدة أضعاف فوقه
لكن لا ضير ، يكفي أنه لا ميكروباص بعد اليوم
المشكلة الثانية أن سوبرمان كي يطير لا بد له من نقطة اقلاع ونقطة هبوط
لن يكون مقبولاً أن يشاهد جيراني رجلاً يطير من الشرفة أو إليها ، كما أن رفاقي في العمل لن يروقهم ذلك.
هكذا بدأت أتاخر
لكن في الحقيقة أن تأخري يعود للكسل الذي انتابني بعدما تأكدت أني لن أتاخر ولن أركب مواصلات عامة ، وببساطة يمكنني الطيران من العمل وإليه. من الجيد أن يسمح الانسان لنفسه بالكسل في بعض الأحيان.
يكفي ثرثرة لقد تأخرت للغاية الساعة الآن الثامنة وخمس وخمسون دقيقة ، ودفتر تسجيل الحضور يرفع في التاسعة والأستاذ عبد الله لا يعرف أخاه في هذا الأمر.
الاغتسال وارتداء الملابس سيستغرقان دقيقة ، الافطار ثلاث دقائق ، الطيران إلي العمل دقيقة
فووووووووم
الاستاذ ( عبد الله ) يتحرك في تؤدة نحو الدفتر وعلي وجهه تلك الابتسامة الظافرة التي تكسو وجهه كل يوم عندما يغلق الدفتر قبل أن يوقع فيه العديد من الموظفين
نظر إلي الردهة الخاوية وتحسس طرف شاربه الرفيع وتوجه نحو الدفتر ... وفجأة
وجدني الأستاذ ( عبد الله ) أناوله الدفتر بعد أن وقعت فيه
من اللطيف أن تكون ( سوبرمان )

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نانسي الحبوبة وشقيقها سلوجو

حجة الحجاج... أحمد بهجت