2

ها قد وصل سوبرمان إلي المكتب
تخيل أن هذه الجملة مكتوبة في مستطيل بأعلي المربع ، وأسفلها صورة نبيل فوزي بمنظاره الدقيق وحلته الكامله وربطة عنقه الأنيقة يسير بين مكاتب " الكوكب اليومي " وفي الخلفية لافتة تحمل اسم رئيس التحرير العتيد " وهيب ج " ، وجزء من وجه المصور الشهير "نديم حلمي ".
لم يكن هذا هو المشهد اطلاقاً عندما دخلت إلي المصلحة
نسيت ان اعرفكم أني موظف " مرموق" – بنظرات الاستياء – في احدي المصالح الحكومية شديدة الأهمية ، ونظراً لذلك لن اتمكن من ذكر اسمها علي الملأ ، لذا سنسميها مصلحة " المطبات الهوائية " وذلك لكونها تتعامل مع شركات الطيران .
وباعتبارها مصلحة حكومية ، فان أهم شخصياتها علي الاطلاق هو " حمدي بك " رئيس المصلحة ، الذي نراه في الأعياد عندما يقوم بجولة تفقدية لتحية الموظفين ، وبعده مباشرة في الأهمية من وجهة نظر الموظفين الأستاذ "عبد الله" المشرف علي كشوف الحضور والانصراف ، والذي يحار الجميع في معرفة نوع العمل الذي يقوم به في الفترة من التاسعة إلي الرابعة عصراً .
واذا صعدنا السلم نحو الطابق الثاني وسرنا في الردهة الطويلة علي الجانب الأيسر حتي النهاية سنصل إلي مكتب السيد مدير الادارة التي أعمل بها ، الأستاذ "صابر" والذي ستكون لنا معه وقفات ووقفات ، وإلي جواره مباشرة غرفة لسكرتيرة الإدارة "الآنسة" "عفاف" وحولها السيدتين "حميدة " و"أنيسة" ، ثم الغرفة الثالثة الكبيرة التي تضم كافة السادة " كبار الموظفين " بالادارة وهم خمسة علي رأسهم الأستاذ "عشماوي" نائب المدير ، ثم العبد لله وصديقي الصدوق " رجب" ، والزميلين "محسن " ، وأيهاب".
بعد هذه المقدمة الطويلة تبدأ الأحداث أسرع من الرصاصة المنطلقة.
تركت الأستاذ عبد الله يتساءل للمرة الألف عن كيفية نجاحي في التوقيع علي دفتر الحضور ، وصعدت السلم وأنا أفكر بشدة ، فعلي الرغم من اكتسابي قوة سوبرمان الجسدية ، الا اني وللأسف لم اكتسب أيا من قواه العقلية ، واحتفظت بعقل "عوض " المعتاد ، وربما يكون في ذلك نفع
ما ان دخلت إلي الحجرة التي تتلاصق فيه المكاتب الخمسة حتي وجدت الأستاذ " عشماوي " يستقبلني كعادته بابتسامته الصفراء التي تكشف عن صفين من مخلفات الحرب العالمية يعتبرهما أسنانه وقال جملته الصباحية المعتادة:
§ أهلا أهلا (عوض ) ، تري هل نجحت في التوقيع أم لا ؟
وبدوري رددت الرد الصباحي المعتاد :
§ خير يا استاذ (عشماوي ) ، لا تقلق علي عوض قلب الاسد
منذ أصبحت سوبرمان تمنيت استخدام أشعة النظر الحارقة في .... في اكساب جلد الاستاذ (عشماوي) اللون البرونزي المحبوب... لكن للاسف محاولاتي في التحكم في اشعة النظر لم تنجح بالشكل اللازم بعد ، لذا فان اولي محاولاتي ادت لاحراق طرف قميصه ، فيما تركت المحاولة الثانية علامات سوداء علي الحائط الذي خلفه.
عسير جداً ان تكون سوبرمان وتفشل في القيام بمثل هذه الدعابات البسيطة
جلست إلي مكتبي فلحق بي علي الفور الفتي ( قناوي ) عامل المقصف متسائلاً عن طلباتي فاكتفيت بكوب من الشاي ، باعتبار اني خلال ساعة ساتناول وجبة جديدة.
تجاهلت الأخ ايهاب تماماً باعتباره جزءًا من أثاث الحجرة ، واعتبرني هو احد المترددين علي المصلحة فتشاغل بحل سودوكو باعتباره " ابن ناس" ولا يهتم بالكلمات المتقاطعة كامثالي
كانت أولي مشكلاتي بعد ان أصبحت سوبرمان ان ابحث عن عدو لدود يشغل فراغي ويسعد أوقاتي ، وبالبحث في مجلات سوبرمان القديمة اكتشفت ان اثنين من ابرز اعداء سوبرمان وهما صلاح وفخري يتميزان بالرأس الأصلع... لذا كان القدر قد اختار لي (ايهاب) ليكون عدوي اللدود... فهو الوحيد ذو الرأس الصلعاء في الحجرة.
ومن وقتها وانا اكتشف يوماً بعد يوم كم كنت محقاً في هذا الاختيار
فقد اكتشفت بالصدفة ان ايهاب هذا يشترك في ادارة محل لمنتجات الألبان في الدرب الأحمر ، وانه يتحايل علي القوانين واللوائح من خلال تسجيل المحل باسم ابنه الصغير، وهو ما أثار استيائي بشدة ، فالموظف الحكومي يجب أن يكون موظفاً حكومياً فقط
صحيح أن راتبه الشهري متواضع ولا يكفي للانفاق عليه شخصياً ، والرجل متزوج ولديه أطفال ، الا ان القوانين واللوائح لا تقبل بذلك الا.... الا بعد موافقة جهة العمل
لذا قررت أن أتولي باعتباري (سوبرمان) تصحيح أوضاع الأخ (ايهاب )
فبعد انتهاء العمل في يوم من الأيام قررت أن أتتبع (ايهاب ) حتي محل الألبان
بالتاكيد لم اتنكر واحمل صحيفة مثقوبة واسير خلفه ، فانا سوبرمان
(يتبع )

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نانسي الحبوبة وشقيقها سلوجو

حجة الحجاج... أحمد بهجت