عيد الأم

مرحبا بكم من جديد في مذكرات طفل وكالعادة سألجأ للعامية الأقرب للطفولية...
شهر مارس من جديد... ان كان شهر نوفمبر هو شهر عيد الطفولة ، فشهر مارس هو شهر عيد الأم وفي مدرسة الأورمان اكتشفت معني جديد لعيد الأم
تاني تاني تاني ...في خامسة ابتدائي...أول سنة أكره فيها التعليم واللي بيتعلموه ، والسنة اللي سابت في الاسمنت الطري اللي هو ذاكرتي الطفولية آثاراً لم تنمحي لغاية دلوقتي
وبس لازم اقول ان سنة خامسة كانت السنة اللي بدل ما يبقي فيها عندنا مدرسة واحده بتدينا كل المواد – الا الانجليزي – بقي لكل مادة مدرس ، وبقي فيه مدرسين رجالة للمرة الأولي
وده طبعا خلانا نواجه التحدي الكبير والسؤال اللي يليق بفوازير شريهان ...
يا تري نجيب لأستاذ عادل هدية في عيد الأم ؟؟
وبرضه علي سبيل الرغي الزيادة لازم اقول ان استاذ عادل ده في ذاكرة طلاب مدرسة الاورمان لعدد مش عارفه كام بالضبط من السنين هو شرطي المكتبة بتاع الأمريكان ، يعني كده خليط من الأستاذ المخيف اللي بيدرس مادة صعبة – حساب – والناس بتسقط وبتاخد مجموعات تقوية ، يعني باختصار كده لما اتحفونا بألف ليلة وليلة بتاعت ليلي علوي ، استفدنا جداو عرفنا ان ممكن نختصر كل التسميات المرعبة المناسبة لأستاذ عادل ونسمية ..."الأشكيف"...
المهم كان الأستاذ عادل هو أول مدرس راجل يحط رجله في الفصل اللي نصه ولاد ونصه بنات ...ودخل علينا بشنبه الرفيع جدا اللي كانه نص شنب ، ونظارته المدورة اللي خلت عنيه عامله زي البلية الملونه ، والاهم من كده حركته الشهيرة جدا ، واللي بيعملها كل دقيقة وهي انه يرفع ايده الشمال ويمسح علي دقنه 3 مرات
وعشان يدبح لنا القطة من أول يوم قالنا القواعد الخمستلاف الرئيسية اللي ممكن نختصرها في أنه طيب مع الشطار ، وسافل مع البلده (جمع بليد)
وطبعا انا مقلقتش عشان انا طول عمري الشاطر أحمد، بس كنت طفل ساذج
في اول امتحان شهر فوجئنا بنظام غريب ...الاستاذ عادل اختار الحصة الاخيرة للامتحان ، وكان بيكتب السؤال باليمين ويمسح بالشمال ، وخلال نصف ساعة كانت السبورة فاضية واللي مالحقش ينقل راحت عليه ، وبعد يومين جاب اوراق الامتحان وطبعا كانت النتيجة عظيمة... واحدة بس نجحت والفصل كله سقط )))))
اما الشاطر أحمد اللي هو انا فجاب 18/40 وسقط لأول مرة في تاريخه المجيد ...وطبعا كانت صدمة شديدة بس المشكلة كانت في ان الفصل كله سقط يعني مش انا لوحدي
وطبعا قبل ما نفوق كان الاستاذ عادل بيقولنا علي الحل السحري... " ما تخافوش انا السنة اللي فاتت حصل معايا نفس الموقف مع فصل 5/2 بس اتصرفت وكلهم دلوقتي في6/2 فصل الشطار"
وطبعا كلنا كنا عاوزين نعرف ازاي ، فسكت شوية وقال :
" كل فصل 5/2 دخل مجموعة التقوية بتاعتي "
في الزمن الغابر ده كانت الدروس الخصوصية مش معروفة قوي ومش ممكن حد يفكر فيها في ابتدائي ، والمجموعات كانت العلاج الفعال لحاجتين... بلادتنا الشديدة المفتعلة ، ولجشع الأستاذ عادل غير المفتعل
وباعتباري الشاطر أحمد اللي عمره ما طلع الثالث رحت واقف وقايل " يا أستاذ انا شفت ورقة حنان اللي نجحت ولقيتها حلت سؤال محدش غيرها حله وخدت عليه 10 درجات ، يعني احنا كلنا اتعمينا ومشفناش السؤال ده ؟؟
وهنا خدت اعمق نظرة مشتعلة من الاستاذ عادل اللي وشه احمر وعينيه بقت عامله زي "جبروكي" - التنين بتاع أليس في بلاد العجائب - وقالي : انت عشان نظرك ضعيف وماشفتش السؤال هتوجع دماغي ، لازمتها ايه النظارة كعب الكوباية اللي انت لابسها ديه !!!
وقعد يضحك ضحكة "جبروكي" ويترجرج ، والغريب اني لقيت شوية ولاد وبنات من الفصل بيضحكوا معاه
طبعا قعدت وانا حاسس ان السنة ديه مش هاتفوت علي خير
لما ماما جت مقدرتش امسك نفسي وعلي طول رحت قايلها علي اللي حصل ، وباعتبارها أم الشاطر أحمد ، كان مستحيل تسكت فراحت ساحباني علي مكتب الناظرة ...تم ترارام تم..ماما أميمة النمرسي... وفي الطريق للمكتب قابلنا البنت " دينا " الرخمة – ديه طبعا غير علا اللزقة - وأول ما شافت ماما راحت رامية دمعتين وواخداها بالحضن وقعدت تتشحتف والحقينا يا طنط الاستاذ عادل مبهدلنا
هنا العرق الصعيدي ضرب عند ماما ، وخدتنا من ايدينا ودخلت علي المديرة ، وطبعا قلنا كل اللي حصل بالتفصيل الممل ، وعلي طول راح العرق العثمانلي ضارب عند ماما أميمة واطلقت النداء الشهير " الأستاذ عادل يحضر للإدارة " ، وعلي الفور دخل التنين وهو بترجرج وانطلق الشرار من عينيه لما شافني انا ودينا وماما ، وبعد ما سمع باختصار هاج وماج وقال اننا كذابين ، وطبعا ماما أم الشاطر حسن زعقت فيه نططته وقالت ان ابنها الشاطر أحمد عمره ما يكذب ، وطبعا قعد يمسح دقنه ويفتل في شنبه وفي الآخر اختصرت الناظرة الكلام بانه حصل " توء سفاهم" بين الطرفين .
وباعتبار الشاطر أحمد في قمة السذاجة اعتبر انه كان مخطئ ، ويا دار ما دخلك شر
لكن هيهات هيهات ، واللي فات عمره ما مات
تاني يوم دخل جبروكي القلعة...
" احمد ودينا ... اقفوا انتم الاتنين " وبدأت حفلة البهدلة اللي كان الكل معزوم ومشارك فيها
" انا يا ولاد قلتلكم تاخدوا مجموعة عندي ".... " لا يا أستاذ"
" انا يا ولاد سقطتكم عشان تدخلوا عندي مجموعة ".... " لا يا أستاذ"
آمال احمد ودينا راحوا يقولوا الكلام ده ليه للناظرة السيدة الفاضلة أميمة هانم !!!!!
وطبعا حسيت بشعور سنبل لما اتخانق مع المعلم تامر وبص وراه لقي فرج راجع من غير الرجالة
العيال الأوغاد قعدوا يبصولنا وكاننا روحنا اتبلينا علي جبروكي ، واللي قعد يمصمص ، واللي كانت هتاخده الحماسة ويقوم يعرفنا غلطنا
وهنا لقيت البنت دينا بتعمل اخر حاجة اتوقعتها ، بصت للاستاذ وهي بترمي نفس الدمعتن وقالت : " انا ماليش دعوة ، أحمد هو اللي اشتكي لمامته وقالها وانا كنت معرفش هما بيتكلموا عن ايه ، وخدوني معاهم للناظرة "
هنا بقي انا اتجننت وقلت لا ديه هي اللي عملت كده بارادتها الحرة ومن غير ضغوط ، وقبل ما الموضوع ما يتطور واجيبها من شعرها كان الأستاذ عادل رجل التربية والتعليم والمبادئ بيتدخل ويقول : " لو حد غيري كان عاقبكم عقاب شديد...بس انا هاعديها المره دي والمسامح كريم ...اقعدوا "
وباعتبار الشاطر حسن كان ناصح وواعي ، فالشاطر أحمد كان طفل ساذج وافتكر ان جبروكي بقي نباتي ومش هيفترس الارنب الابيض
والحقيقة ان الاستاذ عادل رضي تماما عن دينا لما باعتني قدام الفصل كله ، وخرجها من حساباته تماما ، وعشان كده ركز بشكل كامل علي الشاطر أحمد ، فأول واحد يسأله علي الواجب أنا ، وأول واحد يتعاقب علي حاجة معملهاش أنا ، وأللي بيتصدر في الأسئلة اللي محدش عارفها هو أنا
وفي امتحان الشهر التاني كان طبعا 90% من الفصل دخلوا مجموعة التقوية ، وعشان كده النتائج كانت معقولة جدا مقارنة بالمذبحة بتاعت اول شهر ، وفضل الأستاذ عادل ينادي الأسماء ولما وصل عندي قال "برافو...أحمد مستواه اتحسن بعد ما جاب 18/40 وسقط ، ذاكر واجتهد وجاب 24/40 ....!!!!" انا طبعا كان هيغمي علي ده انا متاكد اني هاجيب اكثر من 30 علي الاقل ، ولما مسكت الورقة لاقيت ان سؤال كامل واخد فيه صفر فقلتله با استاذ السؤال ده مشكلته ايه ؟ فبصلي بنظرته النارية ومسح دقنه 3 مرات وقال
انت عشان نظرك ضعيف ومش شايف الدرجة هتوجع دماغي ، لازمتها ايه النظارة كعب الكوباية اللي انت لابسها ديه !!! انت واخد صفر يعني الحل غلط
فقلتله ان الدرجة بتتقسم عالخطوات مش الحل النهائي ، فشخط فيا وقال اني مش هاعلمه شغل وهو كده
اكيد اكيد هارجع لمسيرتي الحافلة مع الاستاذ عادل ، بس لازم ادخل علي عيد الام دلوقتي
فاتت الشهور والأيام وجه شهر مارس ، وطبعا كنا بنجهز لحفلة عيد الأم ، وهدايا المدرسات اللي كانوا لأول مرة أكثر من واحدة ، وهنا لقينا البنت وسام بتفاجئنا بسؤال عويص " هو احنا هنجيب هدية لأستاذ عادل ؟"
طبعا باعتباري ساذج رحت قايل باستهزاء وازدراء " لا طبعا هو اسمه مس عادل ؟ ، احنا بنجيب لمس سناء ومس زينب ، بس مس عادل لا "
وهنا بصولي كلهم باعتباري مجنون او مستبيع وقالت وسام " لو مجبناش هدية يبقي الشهر الجاي هيبهدلنا واحتمال يسقطنا كلنا "
وقبل ما اعترض كانت سحبت كام ولد وبنت كده ، وراحوا يتفقوا بعيد عني
انا فضلت ماشي وراهم اندد واستنكر العملة السودا اللي هيعملوها ، بس للاسف التنديد والاستنكار ما عملوش حاجة ويوم عيد الام لقيت العيال الأوغاد كل واحد فيهم جايب هدية للأستاذ عادل : اللي جايب علبتين طباشير طبي ، واللي جايب طباشير ملون ، واللي جايب الصباع اللي بيتحط فيه الطباشير عشان ايد سيادته ما تتوسخش من الطباشير ، بس اللي فقعني البنت الهاي كلاس اللي جابتله قلم باركر .
طبعا العبد لله فضل قاعد يتفرج من بعيد لبعيد وهو بيتمني انه يسمع حد بينادي عليه في الميكروفون ، وطبعا ما حصلش
وكانت النتيجة الحتمية لهدايا عيد الأم معروفة مقدماً ...بس الشاطر أحمد كان ليه مفاجأة غريبة